الأبحاث

أثر الكلفة الإنتاجية في التخفيف من زكاة الثروة الزراعية للدكتور ايمن البدارين

 

ملخص البحث

اعتبر
الرسول الكريم
r أن سقي المزروعات بآلة ينقص الزكاة الواجبة فيها إلى النصف؛ فهل
هذا الضابط الوحيد في التخفيف من الزكاة أم ثمة تكاليف إنتاجية أخرى تؤثر في
التخفيف من الزكاة كشراء الماء والأسمدة والمبيدات الحشرية وحفر الآبار وأجرة
العمال… قضية فقهية هامة لها آثارها الاقتصادية الهائلة على الاقتصاد المعاصر
للأمة الإسلامية خاصة في مجال تشجيع التوجه للإنتاج الزراعي و تنمية محافظ
الزكاة… اختلف الفقهاء فيها ما بين مانع ومبيح ومفصل، فقمت باستقراء آرائهم
وأدلتهم مستفرغاً الوسع في المقارنة بينها، وترجح لدي أن للكلفة الإنتاجية أثرا في
التخفيف من الزكاة إلى نصف العشر وفق شروط تضبط العملية.

Abstract

According
to the Messenger of Allah (PBUH), the alms (Zakat) of the plants irrigated by
machinery decreases to the half. Is this the only criterion of decreasing the
alms? Or are there any other production costs which affect decreasing alms,
such as purchasing water, fertilizers and insecticides; digging wells; wages of
laborers…?
This
is an important jurisprudential issue which has a considerable economic impact
on the modern Islamic nation’s economy, especially in encouraging the trend for
agricultural production and developing the sources of alms… Jurisprudents have
different views. Therefore, I have investigated the jurisprudents’ views and
evidences, doing my best in comparing them. Consequently, I have given
preference to the view which states that the production costs have an impact on
decreasing the alms to the half, according to certain conditions controlling
the process.

تمهيد:

عن
أنس
t قال: قال رسول الله r: ” ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان
أو بهيمة إلا كان له به صدقة “
[1]،
فقد شجع الإسلام على تنمية الثروة الزراعية؛ لأن الأمة الإسلامية أمة مستقلة تملك
قرارها فتأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع، فلا تعتمد على غيرها من الأمم حتى يبقى قرارها
في يدها، فالأمة التي تعتمد على غيرها في مأكلها أمة تابعة لا متبوعة، وفقيرة لا
غنية، ومتخلفة لا متقدمة…


أهمية البحث:

فالزراعة
تشكل أحد أهم موارد الأمة وتغطي أهم احتياجاتها، إذ لا يستطيع البشر العيش دون زرع،
كما أن الثروة الزراعية أساس الثروة الحيوانية إذ لا تستطيع الحيوانات العيش دون
زرع، حتى ثبت واشتهر في عصرنا الذي تكالبت به علينا أمم الكفر تكالب الأكلة على
قصعتها أن كثيرا من الدول الإسلامية ذات الكثافة السكانية الكبيرة والتي تعتمد في
شراء القمح على بعض الدول الغربية المعادية لمصالحنا وديننا لتصنع الخبز للأفواه
الجائعة من مواطنيها؛ أصبحت قراراتها السيادية والمصيرية مرهونة بسفن القمح
المدعوم التي تقف على شواطئها، فإن رضخت لإملاءات الأعداء دخلت شحنة القمح وإلا
تركت الحاكم يدفع ثورة الأفواه الجائعة؛ فيدفعه الخوف إلى الرضوخ والخنوع وتنفيذ
ما يتعارض ومصالح أمته لإشباع بطونها.


ولا
شك أن الزكاة واجب ديني هام يدفع أو يقمع التوجه نحو الثروة الزراعية فكلما زاد
مقدار الزكاة كلما قلت أرباح المزارعين، فيتوجه الاقتصاديون إلى جناح اقتصادي آخر
يطير بأرباحهم نحو النماء والزيادة لما فيه من زكاة أقل، وكلما قلت زاد التوجه إلى
هذه الثروة الخطيرة.

علاقة البحث بشروط الزكاة:

كما أن للبحث تعلقا بأحد شروط الزكاة وهو بلوغ النصاب
حيث يؤدي احتساب الكلفة إلى إنقاص النصاب فقط عند القائلين بأن الكلف الإنتاجية
تخصم من الإنتاج مباشرة ونزكي الباقي؛ فقد يؤدي إخراج قيمة الكلف من المحصول أن
ينقص الناتج عن النصاب فلا زكاة فيه.


مشكلة البحث:

هل
يجب على المزارع أن يخرج عُشر محصوله الذي يسقيه بماء السماء مع وجود تكاليف أخرى
كالسماد والمبيدات وأجرة العمال ورعاية القنوات والآبار… أم نقيس هذه التكاليف
على نقل الماء بآلة فتأخذ حكمها في التخفيف من العشر إلى نصفه؟ سؤال ينبغي الإجابة
عنه وفق محددات الشرع وأصوله ومقاصده، هذا ما يحاول هذا البحث أن يحققه بسبر أغوار
المسألة عند الفقهاء واتجاهاتهم في الحكم على هذه القضية المهمة التي لها آثار
تنموية واقتصادية كبيرة على الأمة.


هدف البحث:

سيحاول
الباحث سبر أغوار النصوص الشرعية وكتب الفقهاء لتحديد ما إذا كانت الكلف الإنتاجية
مؤثرة في الزكاة أو غير مؤثرة، وإذا كانت مؤثرة فما طبيعة هذا التأثير هل هو تخفيف
إنقاص أو إلغاء، وإذا كان تخفيف إنقاص فهل يحسم من الناتج العام ثم نزكي الباقي مع
ما يؤدي إليه هذا القول من احتمالية إنقاص المحصول ليصل إلى ما دون النصاب؛ أم يثر
في مقدار المخرج فقط من العشر إلى نصفه؟ هذه هي المشكلة التي سيحاول الباحث حلها
في هذا البحث إن شاء الله تعالى.
 

الصعوبات التي واجهتني أثناء كتابة البحث:

أكبر صعوبة واجهتني في هذا البحث أن القضية غير محصورة في مكان محدد في كتب المذاهب،
فليست من رؤوس المسائل في زمنهم، فهي – في الغالب – مبعثرة في جميع كتاب الزكاة من
كل مذهب، فلكي نجمع مفرداتها لا بد من استقراء كتاب الزكاة في كل مذهب واستخراج
ماله علاقة بالموضوع من قريب أو بعيد وإعادة تنقية ما جمعت ليبقى ما هو في صلب
الموضوع.


أما
الصعوبة الثانية التي لا تقل عن الأولى وهي ما واجهت من مشاكل في جميع المذاهب بين
النظرية والتطبيق وخاصة المذهب الحنفي وقبل أن اتهم المذاهب بالتناقض اتهمت نفسي
فأعدت النظر في جميع آراء المذاهب باحثا عن ضوابط حينا ومستنبطا لها حينا آخر من خلال
استقراء تطبيقات المذاهب في كتاب الزكاة عندهم وما استطعت جمعه سابرا مقسما رابطا
بينها للوصول إلى قواسم مشتركة، وكان للبعد التاريخي وما كانت عليه الزراعة في
زمنهم منارة هادية في توجيه بعض الآراء في بعض الأحيان، حتى يسر الله فك هذا
التناقض الظاهري


كل
هذا كلفني جهدا هائلا استمر قرابة تسعة أشهر في البحث والتنقيب، والسبر والتقسيم،
والربط والتحليل… إلى أن يسر الله هذا السفر، ولا أدعى الكمال فيه ولكنه جهد
المقل وخطوة على الطريق فإن أصبت فمن والله وحده، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.


 

تقسيم البحث:

هذا
وقد قسمت البحث إلى تمهيد وخمسة مطالب:


بينت
في التمهيد أهمية البحث والصعوبات التي واجهتني فيه وتقسيمه والدرسات السابقة
ومشكلة البحث، أما المطالب فكانت على النحو التالي:


المطلب
الأول: التعريف بموضوع البحث.


المطلب
الثاني: تحرير محل النزاع.


المطلب
الثالث: أسباب اختلاف الفقهاء.


المطلب
الرابع: آراء الفقهاء في أثر الكلف الإنتاجية في التخفيف من الزكاة.


المطلب
الخامس: كيفية تأثير الكلف الإنتاجية في زكاة الثروة الزراعية.


المطلب
السادس: أدلة المذاهب والاتجاهات ، وجعلته في أربع فروع.


المطلب
السابع: مناقشة الأدلة والراجح في القضية، وقد جعلته في فرعين ناقشت في الفرع
الأول أدلة جميع الأطراف، وبينت في الفرع الثاني الراجح في القضية.


وفي
الخاتمة ذكرت بعض نتائج البحث.


 

[1]. البخاري محمد بن إسماعيل (
توفي 256 هـ ) ، صحيح البخاري ، تحقيق:
د. مصطفى ديب البغا ، بيروت ، دار ابن كثير ودار اليمامة ، 1987م ( ط 7 ) ، ج 2 ،
ص 817

لقراءة أو تحميل البحث كاملا الرجاء اضغط هنا


اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى